فقال : أيها الجبار إني رسول الله إليكم وهو يقول لك :
أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك ، وأحوجت
عياله من بعده وأجعتهم ؟ أما وعزتي لانتقمن له منك في الآجل ، ولاسلبنك ملك
في العاجل ، ولاخربن مدينتك ، ولاذلن عزك ، ولا طعمن الكلاب لحم امرأتك ،
فقال الجبار : اخرج عني يا إدريس فلن تسبقني بنفسك ، ثم أرسل إلى امرأته
فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت : لا يهولنك رسالة إله إدريس ، أنا ارسل
إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه وكل ما جاءك به ، قال : فافعلي ، وكان لادريس
أصحاب من الرافضة مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به ويأنس بهم ،
فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عزوجل إليه ورسالته إلى الجبار وما كان
من تبليغ رسالة الله إلى الجبار ، فأشفقوا على إدريس وأصحابه وخافوا عليه
القتل ، وبعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الازارقة ليقتلوه
فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه ، فانصرفوا وقد
رآهم أصحاب إدريس فحسوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوا
فقالوا له : خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك ، قد بعث اليوم أربعين رجلا
من الازارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية ، فتنحى إدريس عن القرية من يوم
ذلك ومعه نفر من أصحابه ، فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال : يا رب
بعثني إلى جبار فبلغت رسالتك ، وقد توعدني هذا الجبار بالقتل ، بل هو قاتلي
إن ظفر بي ، فأحى الله إليه أن تنح عنه واخرج من قريته وخلني وإياه ،
فوعزتي لا نفذن فيه أمري ، ولا صدقن قولك فيه وما أرسلتك به إليه .