قفي يا نفس
واعرفي مكانك
واعرفي قدرك وحجمك!!
ولا تعصي الخالق الجليل
{ لانه هو الذي خلقك فسواك فاكرامك
وعلينا المراجعه
نراجعنا انفسنا
ومعالجه ما بها من طغيان او كبر او غرور
و يعالج الطغيان القول اللين ؟ لأن الطغيان حالة إستكبار و غرور ، و معالجة الغرور قد لا يمكن بالعنف ، بل بما ينفذ في الأعماق ، ولا يثير دفائن الكبر ، ومن هنا كان على الداعية أن يعرف : ان هدفه ليس تحطيم المتكبر ، بل إرشاده ، و بالتالي فعليه ألا يقابل طغيانه بطغيان مثله ، بل بسعة الصدر و دماثة الخلق .
القول اللين هو الدرس العملي للطاغية ، ليعرف أن طغيانه في غير محله ، القول اللين يأتي ليهدم أساس الطغيان و ليعرف صاحب الطغيان بأن هناك طريقا آخر لتحقيق الأهداف .
هناك فكرة أخرى نستلهمها من هذه الآية وهي : ان الطاغية حتى لو بلغ بطغيانه الى مستوى طغيان فرعون الذي يضرب به المثل ، فهو لا يزال بشرا ، ولا تزال هناك فرصة لهدايته ، لذلك يجب أن لا نيأس من هداية أي بشر .
[ 45] [ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ]كان موسى و هارون (ع) يخافان على الرسالة قبل أن يخافا على أنفسهما ، حيث كانا يخشيان مبادرة فرعون بقتلهما ، أو تعذيبهما بحيث يقطع عليهما الكلام ، أو يمنع وصول الرسالة الى الناس ، و لعل هذا هو معنى " أن يفرط علينا " بمعنى يبادر بالعمل ضدنا.
وعلى هذا المعنى فلم يكن خوفهما هنا على أنفسهما ، كما لم يكن خشية موسى في مقام آخر على نفسه ، حيث يقول الامام علي (ع) : " اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان ! عزب رأي أمرء تخلف عني ! ما شككت في الحق منذ رأيته ! لم يوجس موســى عليه السلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهال و دول الضلال ! " (1) هذا خوف . و الخوف الآخر هو أن يسبب الحديث معه المزيد من الطغيان .
هذان درسان لكل داعية ، فعليه أن يحاول ايصال الهداية الى من يريد ، قبل أن يبادر هو بقطع كلامه ، و يفعل ذلك بحيث لا يزيده طغيانا .
ما هو القول اللين ؟
بعض الناس يتصورون بأن القول اللين هو مجرد الخضوع في القول ، و لكن يبدو أن القول اللين أوسع من هذا المعنى ، فانه يشبه الماء الذي ينفذ في كل مكان ممكن ، فهو يبحث عن الثغرات في قلب الطرف المقابل للنفوذ من خلالها، فهو ليس اسلوبا واحدا ، إنما هو الحكمةفي اختيار الأسلوب المناسب في الوقت المناسب .
[ 46] [ قال لا تخافا ]
بعد أن بين القرآن هاتين المشكلتين و حلهما ، أعطى حلا للمشكلة النفسية عند الداعية ، و هي مشكلة الخوف .
[ إنني معكما اسمع وأرى ]
عندما يطلب الله منهما عدم الخوف ، فإنه يوفر لهما سبل نجاح دعوتهما ، و الحفاظ عليهما ، وهذا ما قضاه الله حين قال : " إنني معكما أسمع و أرى " ، والذي يسمع هو القريب ، و الذي يرى هو الشاهد ، و لعل معنى الآية : إني أسمع القول ، و أرى الفعل .