قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا . رواه البخاري
قَوْلُهُ : ( لَا يَقْبِضُ الْعِلْمُ انْتِزَاعًا ) أَيْ : مَحْوًا مِنَ الصُّدُورِ ، وَكَانَ تَحْدِيثُ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : لَمَّا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ النَّبِيُّ صل الله عليه وسلم : " خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ أَوْ يُرْفَعَ " فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : كَيْفَ يُرْفَعُ ؟ فَقَالَ : أَلَا إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ ذَهَابُ حَمَلَتِهِ . ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ : مَحْوُ الْعِلْمِ مِنَ الصُّدُورِ جَائِزٌ فِي الْقُدْرَةِ ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ .
قَوْلُهُ : ( حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ ، وَلِلْأَصِيلِيِّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ ، وَعَالِمًا مَنْصُوبٌ أَيْ : لَمْ يُبْقِ اللَّهُ عَالِمًا . وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ : " حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا " .
قَوْلُهُ : ( رُءُوسًا ) قَالَ النَّوَوِيُّ : ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّنْوِينِ جَمْعُ رَأْسٍ . قُلْتُ : وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ، وَفِي آخِرِهِ هَمْزَةٌ أُخْرَى مَفْتُوحَةٌ جَمْعُ رَئِيسٍ .
قَوْلُهُ : ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدَ فِي الِاعْتِصَامِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ : " فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ " وَرَوَاهَا مُسْلِمٌ كَالْأُولَى .
فتح الباري » كتاب العلم » باب كيف يقبض العلم
الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى .