بسم الله الرحمن الرحيم
الأمر بغض البصر
أمر الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم المؤمنين بغض البصر في آيات وأحاديث كثيرة منها :
1) قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ...} إلى قوله تعالى { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ إن الله خبير بما يصنعون .وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... } الآيات
• قال القرطبي : البصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من أجله وفي صحيح مسلم عن جرير عن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري وهذا يقوي قول من يقول إن من للتبعيض لأن النظرة الأولى لاتملك فلا تدخل تحت خطاب تكليف .
[ وقال:] وبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب كما أن الحمى رائدة الموت وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال: ألم تر أن العين للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب آلف ا.هـ تفسير القرطبي 12 /222
• قال أبو العالية : كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا والحرام إلا في هذا الموضع فإنه أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه . ا.هـ تفسير البغوي ج: 3 ص: 338
• وقال النسفي : ولم يدخل (من ) هنا [ أي في قوله : ويحفظوا فروجهم ] لأن الزنا لارخصة فيه بوجه . ا.هـ تفسير النسفي ج: 3 ص: 143
• قوله تعالى { ذلك أزكى لهم } :
قال القرطبي : أي غض البصر وحفظ الفرج أطهر في الدنيا وأبعد من دنس الأنام{ إن الله خبير } أي عالم { بما يصنعون} : تهديد ووعيد . ا.هـ تفسير القرطبي ج: 12 ص: 226
وقال ابن كثير : أطهر لقلوبهم وأتقى لدينهم . ا.هـ تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 283
2) عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا وما حقه قال :غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . رواه البخاري ج: 2 ص: 870 ( 2333) و مسلم ج: 3 ص: 1675 (2121)
3) عن جرير بن عبد الله قال :سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري . رواه مسلم ج: 3 ص: 1699 ح 2159
4) عن بريدة مرفوعاً : يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك , الترمذي 2777 و احمد 1298 و أبو داود 2149 وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال البيهقي : لك النظرة الأولى وليست لك الثانية إذا كانت الأولى لا عن قصد تعمد فإذا أعاد النظر فهو كمن حقق الخطرة . شعب الإيمان : (ج: 1 ص: 298 )
5) عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم ) كراهة أن يرين من عورات الرجال . رواه أبو داود ج: 2 ص: 246 / 851 وصححه الألباني في صحيح أبي داود
6) وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ : لا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً . رواه البخاري معلقاً بالجزم 5/2299
7) وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِي الَّتِي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ إِلا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ رواه البخاري معلقاً بالجزم 5/2299
عن خالد بن مجدوح قال :سمعت أنسا يقول : إذا لقيت المرأة فغض عينك حتى تمضي . رواه ابن أبي شيبة ج: 4 ص: 6 (17222)
4) معنى غض البصر في اللغة :
• قال الشوكاني :
1] إطباق الجفن على العين بحيث تمتنع الرؤية ومنه قول جرير:
فغض الطرف إنك من نميرفلا كعبا بلغت ولا كلابـا
وقول عنترة :
وأغض طرفي ما بدت لي جارتيحتى تـواري جارتـي مأواهـا
ومن في قوله (من أبصارهم )هي التبعيضية وإليه ذهب الأكثرون وبينوه بأن المعنى غض البصر عما يحرم والاقتصار به على مايحل وقيل وجه التبعيض أنه يعض للناضر أول نظرة تقع من غير قصد ، وقال الأخفش إنها زائدة وأنكر ذلك سيبويه ، وقيل إنها لبيان الجنس قاله أبو البقاء واعترض عليه بأنه لم يتقدم مبهم يكون مفسرا بمن ، وقيل إنها لابتداء الغاية قاله ابن عطية .
2] وقيل الغض :النقصان يقال غض فلان من فلان أي وضع منه فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو مغضوض منه ومنقوص فتكون من صلة للغض وليست لمعنى من تلك المعاني الأربعة . ا.هـ فتح القدير 4 / 22
5) أنواع غض البصر في الشريعة :
قال ابن تيمية : والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان :
1 ] غض البصر عن العورة 2] وغضه عن محل الشهوة . فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره 000 وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر. ا.هـ مجموع الفتاوى 15 / 414
• غض البصر عن بيوت الناس :
قال ابن القيم : ومن النظر الحرام النظر إلى العورات وهي قسمان :عورة وراء الثياب ،وعورة وراء الأبواب. ا.هـ مدارج السالكين ج: 1 ص: 117
وقال ابن تيمية : وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما اشبهها من النظر إلى المحرمات فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الإستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن ، كما جمع بين اللباسين فى قوله تعالى { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم } فكل منهما وقاية من الأذى الذى يكون سموما مؤذيا كالحر والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك . ا.هـ مجموع الفتاوى 15/ 379
. تكريم النظر بغض البصر -