شرح وفوائد الحديث :
قوله صل الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس)) أي فمن أتى بهذه الخمس فقد تم إسلامه ، كما أن البيت يتم بأركانه كذلك الإسلام يتم بأركانه وهي خمس ، وهذا بناء معنوي شبه بالحسي ، ووجه الشبه أن البناء الحسي إذا انهدم بعض أركانه لم يتم ، فكذلك البناء المعنوي ، ولهذا قال صل الله عليه وسلم :
(( الصلاة عماد الدين فمن تركها فقد هدم الدين )) ، وكذلك يقاس البقية .
وقد ضرب الله مثلاً للمؤمنين والمنافقين فقال تعالى : { أفمن أسسبُنيانَهُ على تقوى مِنَ الله ورضوان خيُر أم من أسس بنيانه على شفا جُرُف هارٍ فانهارَ به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين } [ التوبة109 ] . شبه بناء المؤمن بالذي وضع بنيانه على وسط طود أي : جبل راسخ ،وشبه بناء الكافر بمن وضع بنيانه على طرف جرف بحر هار ، لا ثبات له فأكله البحر فانهار الجرف فانهار بنيانه فوقع به في البحر ، فغرق ، فدخل جهنم .
قوله صل الله عليه وسلم: (( بني الإسلام على خمس )) أي بخمس على أن تكون على : بمعنى الباء وإلا فالمبني غير المبنى عليه فلو أخذنا بظاهره لكانت الخمسة خارجة عن الإسلام وهو فاسد ، ويحتمل أن تكون بمعنى من كقوله تعالى { إلا على أزواجهم } . [ المومنون:6والمعارج :30 ]. أي من أزواجهم .
الخمسة المذكورة في الحديث أصول البناء وأما التتمات المكملات كبقية الواجبات وسائر المستحبات فهي زينة للبناء . وقد ورد في الحديث أنه صل الله عليه وسلم قال : (( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، قالوأدناها إماطة الأذى عن الطريق )) .
قوله صل الله عليه وسلم : (( وحج البيت وصوم رمضان )) . هكذا جاء في هذه الرواية بتقديم الحج على الصوم ، وهذا من باب الترتيب في الذكر دون الحكم ، لأن صوم رمضان وجب قبل الحج وقد جاء في الرواية الأخرى تقديم الصوم على الحج .
للإمام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي .