بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الناس متساوين في الكرامة الإنسانية, فما الذي يميز أحدهم عن الآخر؟
إن مقياس التفاضل بين الناس, لا ينشأ عن عوامل خارجية منفصلة عن الذات كالنسب واللون والجنس والثروة.. وإنما هو نابع من داخلها, مثل:
أ- التقوى:
يقول الله تعالى:
(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) (الحجرات)
ويقول الرسول الكريم (ص):
"لافضل لعربي على أعجمي ,ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى".
ويقول الامام علي (ع) :
"لاترفعوا من رفعته الدنيا, ولاتخفضوا من رفعته التقوى".
والتقوى ملكة نفسية تستقطب وعي الانسان, تردعه عن فعل كل ما حرم الله, وتدفعه لفعل ما أحل, فيلتزم طريق الاستقامة المنطلق من الايمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر.
فبقدر ما يملك الانسان من تقوى, وبقدر ما يكون ارتباطه وثيقاً بالله ورسالته.. بقدر ما يكون مميزاً عن غيره في الدنيا والآخرة "أفمن كان مؤمناً, كمن كان فاسقاً لايستوون".
ب- العلم:
يقول تبارك وتعالى:
( يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة).
(قل هل يستوي الذين يعملون والذين لايعلمون) (الزمر).
ويشمل العلم مختلف فنون المعرفة :دينية وفكرية وطبيعية ورياضية..
يقول الامام علي (ع):
"العلوم اربعة: الفقه للاديان, والطب للأبدان, والنحو للسان, والنجوم لمعرفة الأزمان".
والعالم المفضل والمميز في الإسلام هو:
1- من تعمق في علوم الدين, وعمل بها وعلمها:
قال رسول الله (ص) :أربع تلزم كل ذي حجى (عقل) من أمتي.
قيل: وما هن يا رسول الله؟
فقال: استماع العلم, وحفظه, والعمل به, ونشره.
2- من اكتشف اسرار الكون وقوانين الطبيعة, واستخدمها لخير البشرية:
عن الامام الصادق (ع) :"لوعلم الناس مافي العلم, لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج".
3- من زاده علمه إيماناً بالله, وإحساساً عميقاً بمسؤوليته تجاه خالقه: عن النبي (ص) :
"من خرج من بيته ليلتمس باباً من العلم لينتفع به, ويعلمه غيره, كتب الله له بكل خطوة عبادة ألف سنة وصيامها وقيامها...".
ج- الخدمة العامة:
ورد عن النبي (ص):
"الخلق كلهم عيال الله, وأحبهم اليه, أنفعهم لعياله".
فالمؤمن القريب من الله تعالى هو من يستخدم طاقاته العلمية والدينية لصالح الناس, فبقدر مايفيد ويساعد ويرشد ويجاهد, بقدر مايكسب درجات عند الله, ومكانة لدى الناس.
فالنبي (ص) انكر على ذلك الذي ترك العمل, وانصرف الى الزهد, فسأل :من يكفيه طعامه؟
قال بعضهم: كلنا يا رسول الله.
فأجابهم: كلكم أعبد منه.