بينما انا عند رجل في الصعيد وهو شيخ كبير شديد السمرة, اذ حضر اولاد له بيض حسان, فسألناه عنهم كيف يكون هؤلاء بيض وانت شديد السمرة؟ فقال: هؤلاء أمهم إفرنجية ولي معها قصة. فسألناه عنها فقال:
ذهبت الى الشام وانا شاب اثناء إحتلال الصليبين له, وأستأجرت دكانا أبيع فيه الكتان,فبينما أنا في دكاني إذ أتتني إمرأة إفرنجية, زوجة أحد قادة الصليبين.
فرأيت من جمالها ماسحرني فبعتها وسامحتها في السعر ثم إنصرفت وعادت بعد أيام فبعتها وسامحتها,
فأخذت تتردد علي وأنا أتبسط معها,فعلمت اني أعشقها فلما بلغ الأمر مني مبلغه, قلت للعجوز التي معها قد تعلقت نفسي بهذه المرأة فكيف السبيل إليها؟
فقالت العجوز: هذه زوجة القائد فلان ولو علم بك وبنا قتلنا نحن الثلاثة!
فما زلت بها حتى طلبت مني خمسين دينارا لتجيئ بها إلي في بيتي.
فأجتهدت حتى جمعت خمسين دينارا, وأعطيتها لها وأنتظرتها تلك الليلة في الدار. فلما جاءت إلي أكلنا وشربنا,
فلما مضى بعض الليل قلت في نفسي: أما تستحي من الله وأنت غريب وبين يدي الله وتعصي الله تعالى مع نصرانية؟!!!
فرفعت بصري إلى السماء وقلت: اللهم إني أشهدك أني عففت عن هذه النصرانية حياءا منك وخوفا من عقابك. ثم تنحيت عن موضعها إلى فراش اخر فلما رأت ذلك قامت وهي غضبى ومضت.
وفي الصباح مضيت إلى دكاني فلما كان الضحى مرت علي المرأة وهي غضبى, ووالله وكأن وجهها القمر حين مرت فلما رأيتها قلت في نفسي: ومن أنت حتى تعف عن هذا الجمال, انت أبو بكر ام عمر؟ أم أنت الجنيب العابد أم الحسن الزاهد ثم بقيت أتحسر عليها
فلما جاوزتني لحقت بالعجوز فقلت لها : إرجعي بها الي هذه الليلة فأقسمت العجوز بالمسيح وقالت ماتأتيك الا بمئة دينار!! قلت نعم
فأجتهدت حتى جمعتها ثم اعطيتها إياها,فلما كان الليل وأنتظرتها في الدار جاءت فكأنها القمر أقبل علي.
فلما جلست حضرني الخوف من الله, وكيف اعصيه مع نصرانية كافرة؟!! فتركتها خوفا من الله
وفي الصباح مضيت إلى دكاني وقلبي مشغول بها,فلما كان الضحى مرت علي المرأة وهي غضبى, فلما رأيتها لمت نفسي على تركها وبقيت أتحسر عليها,
فسألت العجوز: فقالت والله ماتفرح بها وماتمسها إلا بخمسة مئة دينار أو تموت كمدا. قلت نعم , وعزمت على بيع دكاني وبضاعتي وأن اعطيها الخمسة مئة دينار.
فبينما أنا على ذلك إذ منادي النصارى ينادي في السوق, يقول:
يامعشر من هاهنا من المسلمين إن الهدنة التي بيننا وبينكم قد أنقضت وقد أمهلنا من هنا من التجار المسلمين اسبوعا فمن بقي بعده قتلناه.
فجمعت مابقي من متاعي وخرجت من الشام وفي قلبي من الحسرة مافيه, ثم أخذت أتاجر ببيع الجواري عسى أن يذهب مابقلبي من حب تلك المراة.
فمضى علي في ذلك ثلاث سنين, ثم جرت واقعة حطين وأستعاد المسلمون بلاد الساحل وطلب مني جارية للملك الناصر.
وكان عندي جارية حسناء فأشتروها مني بمئة دينار فسلموني تسعين دينارا وبقيت لي عشرة دنانير
فقال الملك: أمضوا به الى البيت الذي فيه المسبيات من نساء الأفرنج فليختر منهن واحدة بالعشرة دنانير التي بقيت له.
فلما فتحوا الدار رأيت صاحبتي الأفرنجية!!
فأخذتها فلما مضيت بها إلى بيتي ..
قلت لها تعرفينني؟!!
قالت لا !!
قلت لها......
أنا صاحبك التاجر الذي أخذتي مني مئة دينار وخمسين دينارا وقلت لي لاتمسني الا بخمسمئة دينار هانذا أخذتك ملك يمين بعشرة دنانير.
فقالت: أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله!!
فأسلمت وحسن إسلامها فتزوجتها,
فلم تلبث أن أرسلت امها إليها بصندوق فلما فتحناه فأذا فيه الصرتان التي اعطيتها في الأولى الخمسون دينارا وفي الأخرى المئة دينار,
وفيه لباسها الذي كنت أراها فيه, وهي أم اولادي هؤلاء وهي التي طبخت لكم هذا العشاء))
ومن ترك شيئا لله...
نعــــــــــم! من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ^_^
----------------------------------------------------------
من يريد مال او عيال او شهوة .. او اي رزق .. اترك ما لا يرضى الله واصبر .. يجازيك الله بان تغنم به او افضل منه في رضاه وفي حلاله ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ترك شيئا لله ، عوضه الله خيرا منه " اسناده صحيح