بسم الله الرحمن الرحيم
أنواع أمراض المناعة الذاتية:
تشمل هذه المجموعة من الأمراض، عدداً غير قليل، يصيب بعضها عضواً واحداً من الجسم، وبعضها عدة أعضاء في أن واحد. ومن أهم هذه الأمراض:
أ. مرض الذئبة الحمراء Systemic lupus Erythematosis:
يعد مرض الذئبة الحمراء، من أشهر أمراض المناعة الذاتية، ويصيب هذا المرض الجلد ويحدث خللاً في معظم أعضاء الجسم. ونسبة الإصابة به في الإناث، أربعة أضعاف نسبتها في الذكور. وهو يتميز بفترات نشاط، تعقبها فترات قد يتحسن فيها المريض، وتقل حدة المرض.
(1)
التفسير المناعي للذئبة الحمراء:
يُعزى حدوث هذا المرض إلى وجود أجسام مضادة للحامض النووي DNA وهو اختصار لمصطلح Desoxy Nucleic Acid. في جسم المريض، وكذلك وجود خلايا ذات شكل خاص تحت المجهر، سميت: خلايا الذئبة الحمراء Lupus Erythematosis cells، وتختصر L.E. cells. وتوجد هذه الأجسام المضادة في الدم، والأنسجة المصابة، مثل الجلد، والكلى. ولم يُعرف، حتى الآن، سبب وجود هذا الجسم المضاد للحامض النووي، الذي يسمى Anti- DNA. كما اكتشفت أجسام مضادة أخرى، ضد كرات الدم الحمراء، والبيضاء والصفائح الدموية. ويؤدي ذلك إلى حدوث نزيف وأنيميا.
تعد زيادة الإصابة في بعض الأفراد، والعائلات، دليل على الاستعداد الوراثي للمرض، وذلك في بعض الحالات، التي تحتوي على نوع معين من البصمة، أو الشفرة الجينية HLA.
أثبتت الأبحاث أن هرمون الأنوثة Estrogen Hormone، يساعد على تكوين الأجسام المضادة للحمض النووي، كما يساعد، كذلك، على زيادة حدة الأعراض. وعلى العكس من ذلك، فإنّ هرمونات الذكورة Androgens، تقلل من تكوّن الأجسام المضادة للحامض النووي. وهذا يفسر حدوث المرض في الإناث، بدرجة أكبر من حدوثه في الذكور.
(2)
الأعراض
(أ) الجلد
تُعد إصابة الجلد هي الأكثر شيوعاً عن باقي الأعضاء، وتظهر على هيئة بقع حمراء مغطاة بقشور رقيقة على الخدين، والأنف. وتزداد هذه البقع عند التعرض للشمس، وتأخذ أحيانا شكل الفراشة Butterfly Shape، أي يعد الأنف هو جسم الفراشة، والبقع على الخدين تمثل أجنحتها. وقد تختفي هذه البقع بلا أثر، وقد تسبب ندبة بسيطة بالجلد. (الشكل الرقم
(ب) الفاصل والعضلات:
تُعد إصابة المفاصل والعضلات، وحدوث آلام بها، من أكثر أعراض مرض الذئبة الحمراء حدوثاً. وهي تصيب كافة مفاصل الجسم.
(ج) الأغشية البلورية والبروتينية:
يُحدث مرض الذئبة الحمراء، التهاباً بالغشاء البللوري المحيط بالرئة، ويصاحبه ألم وصعوبة في التنفس؛ كذلك يحدث التهاب في الغشاء المبطن للقلب، يسبب هبوطاً حاداً بالقلب. كما يمكن أن يصل الالتهاب إلى الغشاء البريتوني المحيط بالأمعاء، ويصاحب ذلك ألم بالبطن، وقيء مستمر، قد يؤدي إلى الوفاة، ما لم يعالج فوراً.
(د) الكلى والجهاز العصبي:
يُحْدِث ترسيب للمركبات المناعية بأنسجة الكلى، مما يسبب فشلاً كلوياً وارتفاعاً في الضغط. وكذلك قد يُحدث ترسيب لهذه المركبات المناعية في المخ، مسببة، اكتئاباً، وصداعاً نصفياً أو شللاً.
(هـ) الإجهاض المتكرر:
يُعد حدوث إجهاض متكرر، دون سبب واضح، أحد أعراض هذا المرض. ويُنصح بعدم إقدام المصابات بهذا المرض، على الحمل، لخطورته على قلب وصحة الجنين والأم.
(3) التشخيص المعملي:
(أ)
سرعة الترسيب Erythrocytc Sedimentation Rate: ESR:
تكون عالية في معظم الحالات، وتدل على وجود نشاط زائد في الجهاز المناعي.
(ب)
أنيميا لكل مكونات الدم Pancytopenia:
تتميز بحدوث نقص في عدد كرات الدم الحمراء، ونقص في عدد كرات الدم البيضاء، ونقص في عدد الصفائح الدموية.
(ج)
إجراء اختبارات خاصة:
يُراد بها الكشف عن الأجسام المضادة للحامض النووي DNA، وكذلك الأجسام المضادة لعوامل التجلط وكرات الدم الحمراء.
(د)
قياس معامل الروماتويد Rheumatoid factor:
يوجد هذا المعامل، في بعض أنواع الروماتويد، وتسمى "معامل الروماتويد الموجبة"، وفي حالة عدم وجوده، تسمى "معامل الروماتويد السالبة". ويستخدم هذا المعامل لتقسيم أنواع الروماتويد. وقد ثبت أن 30% من حالات الذئبة الحمراء، تكون إيجابية لهذا المعامل.
(4) العلاج:
(أ)
علاج عام:
ويشمل إعطاء الفيتامينات، وعلاج ارتفاع الحرارة، وتناول مهدئات لآلام المفاصل، وعلاج المضاعفات، مثل أمراض القلب والرئة، حسب درجة الإصابة الناتجة.
(ب)
علاج متخصص:
ويشمل استخدام الأسبرين، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج الملاريا، التي ثبتت فائدتها في علاج بعض حالات الذئبة الحمراء، مثل الكلوروكوين Chloroquine. وكذلك استخدام مركبات غير كورتيزونية. ثم يأتي العلاج الحاسم لمعظم هذه الحالات باستخدام مركبات الكورتيزون، إما موضعياً على الجلد المصاب، أو من طريق جرعات كبيرة بالفم، أو الحقن، مع التقليل التدريجي لهذه الجرعات عند تحسن الحالة.
ب. مرض الروماتويد Rheumatoid Arthritis:
يُعد الروماتويد من الأمراض المزمنة، وهو يصيب مفاصل الجسم المختلفة بصورة أساسية، ولكنه يصيب، كذلك، أجهزة أخرى، مثل: الجهاز العصبي، والجهاز البولي، والجهاز الدوري. ومثل معظم أمراض المناعة الذاتية، فان نسبة الإصابة به في الإناث تزيد عنها في الذكور، إذ تصل إلى نسبة 1:3.
وتُعد المفاصل الصغرى بالكفين والقدمين، من أكثر المفاصل تعرضاً للإصابة بهذا المرض، الذي يمتد ليشمل باقي المفاصل. وقد يؤدي أحياناً إلى حدوث التهابات بالأوعية الدموية، أو الأوعية والغدد الليمفاوية. وكذلك يحدث نقصاً في كرات الدم البيضاء، وتضخماً في الطحال. ويُعزى حدوث مرض الروماتويد إلى الاستعداد الوراثي، والبصمة الجينية HLA، أو إلى وجود نوع معين من فصائل الخلايا البيضاء، حيث لوحظ ذلك في كثير من المرضى. كما أثبت بعض العلماء وجود علاقة بين مرض الروماتويد، وبين الإصابة بنوع معين من الفيروسات أو البكتريا.
(1)
التغيرات المناعية، المؤدية إلى حدوث الأعراض:
تُفرز الخلايا الليمفاوية الموجودة بالمفصل، أجساماً مضادة، تُسمى "عامل الروماتويد" Rheumatoid Factor، يعده الجسم غريباً عنه، فيفرز الجهاز المناعي أجساماً مضادة من النوع