روى أبو نعيم والإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إن لله عبادا مفاتيح للخير مغاليق للشر، ومن العباد عباد مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، ويا بؤس عبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير))
هناك أناس معها سلسلةُ مفاتيحٍ للخير تفتح قلوب الناس، وهناك أناس والعياذ بالله رب العالمين معهم مفاتيح يغلقون بها أبواب الخير على عباد الله ويفتحون لهم أبواب الشر.
(قال أحد السلف: لا تصحب عاصيا، فإنه يزين لك المعصية ويود لو أنك مثله).
أنت في الناس تقاس بالذي اخترت خليلا
فاصحب الأخيار تعلو وتنل ذكرا جميلا
اصحب أولوا العلم والبصيرة والهمة والعزيمة، أما الذين حرموا من ذلك..فأولئك هم شر البرية، رؤيتهم قذى العيون وحمى الأرواح وسقم القلوب، يضيقون الديار ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار، وعند أنفسهم أنهم يعلمون.. ولكن ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، ويعلمون ولكن ما يضرهم ولا ينفعهم، وينطقون.. ولكن عن الهوى ينطقون، ويتكلمون.. ولكن بالجهل يتكلمون، ويؤمنون.. ولكن بالجبت والطاغوت، ويجادلون.. ولكن بالباطل ليدحضوا به الحق، ويحكمون.. ولكن حكم الجاهلية يبغون، ويقولون: إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.
فهؤلاء ناس بالصورة.. شياطين بالحقيقة، إنك إذا أحضرت تفاحة صالحة ووضعتها بجانب تفاحة فاسدة فإن الصالحة تفسد، فهكذا الأصحاب، إنك إذا رأيت رجلا ينزف بغزارة.. تتصل فورا بالإسعاف لينقذوه قبل الموت، أما إذا رأيت رجلا لا ينزف جسده وإنما ينزف دينه، فكأن الأمر شيء عادي، تجد إنسان مظهره الخارجي بسم الله ما شاء الله، لكن تعال انظر إلى دينه.. تجده مزبلة ولا حول ولا قوة إلا بالله،
إن الصداقة والأخوة شيء جميل لكن أن تكون لله، ليس من الصعب أن تضحي من أجل الصديق.. ولكن من الصعب أن تجد الصديق الذي يستحق التضحية،.. أيها الإخوة.. ليس لدينا شيء أعز علينا من ديننا.. الذي تريده خذه.. ولكن ديني.. لا، قال أحدهم
والمرء من غير دين لم يسو في الكون شيئا
قد كنت ميتا ولكن أصبحت بالدين حيا
وقلت شتان حقا بين الثرى والثريا
وقال أحدهم يصف سرعة مرحلة الشباب: الشباب ضيف زارنا أقام عندنا قليلا سود الصحف بالذنوب وولى،
من أراد أن يبني أمة فليستغل سن المراهقة، ومن أراد أن يهدم أمة فليستغل سن المراهقة..
فلا تضيع دينك بصديق سوء يزين لك المعصية، ويحاول إبعادك عن الجنة،.. من الذي يحبك؟ الذي يعطيك سيجارة لتدخنها؟ الذي يعطيك شريط لتسمع ما حرم الله؟ الذي يسبك بأبيك وأمك؟ الذي يعطيك سي دي (قرص) أو دسك فيه امرأة عارية؟ هل هذا يحبك؟ لو أنه يحبك لكان أخذ بيدك إلى الجنة، لا تثق ولا تأمن عاصيا، فقد خان أول منعم عليه وهو الله رب العالمين..
جلس شيبان الراعي مع الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله، وكانا يجلسان على عشب، فاقتلع الإمام أحمد عشبة من الأرض، فقال له شيبان: يا إمام لقد أخطأت أخطاءً عدة!! اقتلعت شيئا يسبح بحمد الله، وشغلت نفسك فيما لا يعنيك، وارتكبت شيئا من اللهو، وأنت قدوة والناس يقولون إن أحمد اقتلع فينظرون إليك فيقتلعوا مثل ما اقتلعت.
إذًا هذه الأخوة.. هذه الصحبة.. المؤمن مرآة أخيه.. فأين نحن من هؤلاء؟
قال مالك لسارق دخل على بيته ليسرق: توضأ وصل ركعتين. ففعل، وبعد أن قضى الركعتين قد أذّن للصبح، فأخذه مالك وخرج به إلى المسجد، فرآه الناس فقالوا: يا أبا يحيى من هذا؟ ماذا تفعل تمشي مع سارق؟ فقال: جاء ليسرقنا فسرقناه، نعم.. نحن نحتاج أن نسرق الناس لله، أن تختطفه من أمام التلفاز والتمثيلية، أن تنتزعه من بين فكي لاعبي الكرة ومن بين رجلي الراقصات والغانيات والممثلات، خذ بيده إلى الجنة،
أيا من نسيت الله دهرا وملت عن الهدى والموت داني، خلقك الله للصلاح فحدت عنه، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56
قال صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي))
لا تستهن بصغير الذنب.. إن الجبال من الحصى، لا تتبع نفسك، فإن النفس كالدابة إن ركبتها أوصلتك وإن ركبتك قتلتك، فالسيارة مثلا: إذا ركبتها أوصلتك، أما إذا صار العكس.. أن تصبح السيارة فوقك.. فإنها تقتلك.. فهكذا النفس،
وقد بشرنا ابن القيم رحمه الله حيث قال: كن لله كما يريد يكن لك فوق ما تريد،
وقال أبو الحسن الزيدي: اجعلوا النوافل كالفرائض والمعاصي كالكفر والشهوات كالسم