بسم الله الرحمن الرحيم
التطبيق الرابع ( التيار المائي البارد المندفع):
روى جلال الدين السيوطي في (جامع الأحاديث والمراسيل) ج18/ص253 عن الإمام علي رضي الله عنهأنه قال: "كنا حول رسول الله جلوسًا وقدمه وساقه مكشوفة إلى رأس ركبته وساقه في ماء بارد كان يضرب عليه فكان إذا جعله في ماء بارد سكن عنه.... إلخ الحديث" (whirl pool) في علاج الإصابات والمستخدم في عصرنا هذا كأحد طرق العلاج الطبيعي، لم يكن معروفًا لدى عرب الجاهلية أو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، "إلا أني بعد ذلك تذكرت أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا الأسلوب في قصة سيدنا أيوب, وأيوب عليه السلام بلاشك متقدم زمنيًا على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قد اقتبس من قصة سيدنا أيوب عليه السلام هذا الأسلوب في العلاج، ولابأس هنا أن نوضح جانب آخر من قصة النبي أيوب عليه السلام لم نذكره في العدد السابق من مجلة الصحة، وفي الوقت ذاته يؤيد معنى الحديث النبوي الأخير، قال الله تعالى: {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} (ص:42)،
يقول علماء التفسير أن الماء المذكور في الآية المتقدمة إنما خرج من عين من باطن الأرض، فجأة ونتيجة الضرب أو الدفع لا يكون هادئًا ساكنًا، بل يكون مندفعًا للأعلى وبقوة، وأن أيوب (عليه السلام) بالإضافة إلى مرضه الرئيس والمباشر وهو التقرحات والالتهابات كان بلا شك يعاني من مرض آخر ثانوي وغير مباشر ناتج عن قلة الحركة ألا وهو ضعف وضمور العضلات، وإذا أضفنا حقيقة أخرى ذكرتها الآية الأخيرة وهي أن الماء كان باردًا عرفنا مدى تأثير هذا العلاج وقدم استخدامه من قبل الإنسان.
وأحب أن أذكر في هذا المقام حديث آخر لرسول صلى الله عليه وسلم يحث فيه المريض بالحمى أو الحرارة على الاغتسال بالماء البارد ولكن بطريقة خاصة جدًا تؤيد ما تقدم، والحديث رواه كبار الحفاظ كأحمد بن حنبل في مسنده ج5/ص218 وأبو عيسى الترمذي في صحيحه حديث رقم 2166، ونص الحديث هو كالتالي واللفظ لأحمد بن حنبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا أصاب أحدكم الحمى – وإن الحمى قطعة من النار – فليطفئها عنه بالماء البارد، وليستقبل نهرًا جاريًا يستقبل جرية الماء، فيقول: بسم الله، اللهم اشف عبدك وصدق رسولك, بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، فيغتمس فيه ثلاث غمسات، ثلاثة أيام، فإن لم يبرأ في سبع، فتسع، فإنه لايكاد يجاوز التسع بإذن الله عز وجل".
لاحظ قول النبي صلى الله عليه وسلم "يستقبل جرية الماء"، جاء في القاموس المحيط للفيروز آبادي ج3 ص399 مايلي: السيل: الماء الكثير السائل وجمعه سيول والسيلة، بالكسر: جرية الماء.
وقال العلامة الطيبي فيما نقله عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي ج6 ص217: يقال ماأشد جرية هذا الماء بالكسر، أي حال الاستقبال.
ولاحظ أيضًا عزيزي القارئ قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس) حيث يكون الماء في هذه الفترة من أي يوم باردًا ولم يقل صلى الله عليه وسلم ليلاً لأن الماء لاسيما ماء البحار يكون في الليل دافئًا.