تابع الاية الثالثة
والحق سبحانه وتعالى، يستحق منا الحمد لأنه لا يأخذ منا ولكنه يعطينا.
فالبشر في كل عصر يحاولون استغلال البشر.. لأنهم يطمعون لما في ايديهم من
ثروات وأموال، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج الى ما في أيدينا، إنه
يعطينا ولا يأخذ منا، عنده خزائن كل شيء مصداقا لقوله جل جلاله: {وَإِن
مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ
بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: 21] فالله سبحانه وتعالى دائم العطاء لخلقه،
والخلق يأخذون دائما من نعم الله، فكأن العبودية لله تعطيك ولا تأخذ منك
وهذا يستوجب الحمد.
والله سبحانه وتعالى في عطائه يجب أن يطلب منه
الإنسان، وأن يدعوه وان يستعين به، وهذا يتوجب الحمد لأنه يقينا الذل في
الدنيا. فأنت إن طلبت شيئا من صاحب نفوذ، فلابد ان يحدد لك موعدا أو وقت
الحديث ومدة المقابلة، وقد يضيق بك فيقف لينهي اللقاء.. ولكن الله سبحانه
وتعالى بابه مفتوح دائما.. فأنت بين يديه عندما تريد، وترفع يديك الى
السماء وتدعو وقتما تحب، وتسأل الله ما تشاء، فيعطيك ما تريده إن كان خيرا
لك.. ويمنع عنك ما تريده ان كان شرا لك.
والله سبحانه وتعالى يطلب منك
ان تدعوه وان تسأله فيقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ
إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ
دَاخِرِينَ} [غافر: 60] ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
[البقرة: 186] والله سبحانه وتعالى يعرف ما في نفسك، ولذلك فإنه يعطيك دون
أن تسأل. واقرأ الحديث القدسي: يقول رب العزة: (من شغله ذكري عن مسألتي
أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).