تابع الاية الثالثة : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3
وآيات الله سبحانه وتعالى في كونه تستوجب الحمد.. فالحياة التي وهبها الله
لنا، والآيات التي أودعها في كونه لتدلنا على أن لهذا الكون خالقاً عظيماً.
فالكون بشمسه وقمره ونجومه وأرضه وكل ما فيه مما يفوق قدرة الانسان.. ولا
يستطيع أحد أن يدعيه لنفسه. فلا أحد مهما بلغ علمه يستطيع أن يدعي أنه خلق
الشمس أو أوجد النجوم أو وضع الأرض أو وضع قوانين الكون أو أعطى غلافها
الجوي.. أو خلق نفسه أو خلق غيره.
هذه الآيات كلها أعطتنا الدليل على
وجود قوة عظمى، وهي التي أوجدت وهي التي خلقت.. وهذه الآيات ليست ساكنة،
لتجعلنا في سكونها ننساها، بل هي متحركة لتلفتنا الي خالق هذا الكون
العظيم.
فالشمس تشرق في الصباح فتذكرنا باعجاز الخلق، وتغيب في المساء
لتذكرنا بعظمة الخالق.. وتعاقب الليل والنهار يحدث أمامنا كل يوم علمنا
نلتفت ونفيق.. والمطر ينزل من السماء ليذكرنا بألوهية من أنزله.. والزرع
يخرج من الأرض يسقي بماء واحد. ومع ذلك فإن كل نوع له لون وله شكل وله مذاق
وله رائحة، وله تكوين يختلف عن الآخر، ويأتي الحصاد فيختفي الثمر والزرع..
ويأتي موسم الزراعة فيعود من جديد.
كل شيء في هذا الكون متحرك ليذكرنا اذا نسينا، ويعلمنا أن هناك خالقاً عظيماً.
ونستطيع
أن نمضي في ذلك بلا نهاية فنعم الله لا تعد ولا تحصى.. وكل واحدة منها
تدلنا على وجود الحق سبحانه وتعالى، وتعطينا الدليل الايماني على ان لهذا
الكون خالقاً مبدعاً.. وانه لا أحد يستطيع أن يدعي أنه خلق الكون أو خلق ما
فيه.. فالقضية محسومة لله.. و{الحمد للَّهِ} لأنه وضع في نفوسنا الإيمان
الفطري ثم أيده بإيمان عقلي بآياته في كونه.
بل إن كل شيء في هذا الكون
يقتضي الحمد، ومع ذلك فإن الانسان يمتدح الوجود وينسى الموجود!! فأنت حين
ترى زهرة جميلة مثلا أو زهرة غاية في الإبداع.