تابع الاية الثالثة : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3
أو أي خلق من خلق الله يشيع في نفسك الجمال تمتدح هذا الخلق.. فتقول: ما
أجمل هذه الزهرة أو هذه الجوهرة أو هذا المخلوق.. ولكن المخلوق الذي
امتدحته، لم يعط صفة الجمال لنفسه.. فالزهرة لا دخل لها أن تكون جميلة أو
غير جميلة، والجوهرة لا دخل لها في عظمة خلقها.. وكل شيء في هذا الكون لم
يضع الجمال لنفسه وانما الذي وضع الجمال فيه هو الله سبحانه وتعالى، فلا
نخلط ونمدح المخلوق وننسى الخالق.. بل قل: الحمد لله الذي أوجد في الكون ما
يذكرنا بعظمة الخالق ودقة الخلق.
ومنهج الله سبحانه وتعالى يقتضي منا الحمد، لان الله أنزل منهجه ليرينا طريق الخير ويبعدنا عن طريق الشر.
فمنهج
الله الذي أنزله على رسله قد عرفنا ان الله تبارك وتعالى هو الذي خلق لنا
هذا الكون وخلقنا.. فدقة الخلق وعظمته تدلنا على أن هناك خالقاً عظيماً..
ولكنها لا تستطيع أن تقول لنا من هو، ولا ماذا يريد منا. ولذلك أرسل الله
رسله، ليقولوا لنا إن الذي خلق هذا الكون وخلقنا هو الله تبارك وتعالى وهذا
يستوجب الحمد.
ومنهج الله بين لنا ماذا يريد الحق منا، وكيف نعبده..
وهذا يستوجب الحمد. ومنهج الله جل جلاله أعطانا الطريق وشرع لنا اسلوب
حياتنا تشريعاً حقاً.. فالله تبارك وتعالى لا يفرق بين أحد منا.. ولا يفضل
أحداً على احد إلا بالتقوى، فكلنا خلق متساوون أمام الله جل جلاله.
إذن:
فشريعة الحق، وقول الحق، وقضاء الحق، هو من الله، أما تشريعات الناس فلها
هوى، تميز بعضا عن بعض.. وتأخذ حقوق بعض لتعطيها للآخرين، لذلك نجد في كل
منهج بشرى ظلما بشريا.
فالدول الشيوعية أعضاء اللجنة المركزية فيها هم
أصحاب النعمة والترف. بينما الشعب كله في شقاء.. لأن هؤلاء الذي شرعوا
اتبعوا هواهم. ووضعوا مصالحهم فوق كل مصلحة.. وكذلك في الدول الرأسمالية.
أصحاب رأس المال يأخذون كل الخير. ولكن الله سبحانه وتعالى حين نزل لنا
المنهج قضى بالعدل بين الناس.. وأعطى كل ذي حق حقه. وعلمنا كيف تستقيم
الحياة على الأرض عندما تكون بعيدة عن الهوى البشري خاضعة لعدل الله، وهذا
يوجب الحمد.